Accéder au contenu principal

سجل أنا حرباء



 

من منا لم يراوده حلم بشع أبطاله جملة من الحيوانات المفترسة؟ لم يكن ذلك الذي يراودني حلما، و لم تكن تلك التي تتعقبني كلاب ضالة ولا ذئاب جائعة. لقد كنت مستيقظة فطنة أركض مسرعة لأفر من قبضة علم التشريح والميكروبيولوجيا.

"محطة كلية الطب station faculté de médecine " لم يكن صوتها عذبا لكنه كان كفيلا بإيقاظي من حلمي الأولمبي معلنا وصولي محطة الكلية. سرت كعادتي لأبتاع قهوتي الصباحية مستبدلة ضجيج عبد المومن بموال ينشده صباح فخري على سماعات هاتفي. و بمجرد أن قبلت شفتاي سمار قهوتي اللاذع حتى استحلت محللة اجتماعية تتفحص وجوه المارة و تخمن سبب عبوسهم و تجهمهم. واصلت السير حتى مررت بسيدة ثلاثينية تترجل من سيارة سوداء و تحمل على ذراعها طفلا لا يكاد يتجاوز السنة، تحدثه بصوت طفولي لا يشبه بذلتها الأنيقة و بلغةٍ لا تشبه العربية شيئا. لقد اختارت هذه الأم عبارات فرنسية لتعبر عن حبها و ودها لابنها...لا شك أنها في  طريقها إلى إحدى الحضانات حيث الجليسات لا يتحدثن العربية إلا مع البواب . تراهن ينشدن و يقصصن و يزجرن الأطفال بالفرنسية فقط.

لكن المعضلة هذه لا تخص الأم و وليدها فقط، ولا جليسات الحضانة.  بل هي حالة جماعية من الانسلاخ عن الهوية العربية تطال معظم الشباب المغربي. و قد تشار أصابع الاتهام في هذا الشأن لأسباب عديدة ، منها أسباب استعمارية تاريخية أو قد يكون فقط خضوعا استسلاميا لسطوة العولمة ، حتى أصبح بعضنا يخال أن استعمال العامية أو الفصحى مرادف للدونية و التخلف.

و دفاعي عن العربية هنا ليس رفضا للانفتاح و لا نفورا من اللغات الأجنبية لكنه دفاع عن اللغة على اعتبارها وحدة انتمائية من مركب الهوية المعقد، و نبات سهل الذبول إذا ما عدلنا عن ريه. إننا و بابتعادنا عن لغتنا و عجزنا عن تكوين جمل عربية خالصة دون إقحام عبارات أجنبية، نلحق أذىً بلغة الضاد و نؤثر على ديمومة استخدامها.

لم يكن محمود درويش يعلم أن مقولته و عنوان ديوانه الشهير " سجل أنا عربي " ستتحول إلى سجل أنا حرباء على يدنا، نحن أبناء الألفية الثالثة.

لم يكن درويشُ يعلم أننا سنصبح حرابي تنسلخ جلودنا و تتبدد هويتنا بالتواء ألسنتنا و ابتعادنا عن لغتنا الأم.

غيثة شكيري
قد تصادفوا شبيهتي بمدرجات كلية الطب ، لكن نسختي الأصلية الآن بصدد احتساء القهوة برفقة الخنساء و مي زيادة ... يحكين لي عن بساطة أزمنتهن و أفجعهن ببشاعة زمننا.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

Dirty Work

  It was never supposed to get this complicated. The goal was pretty clear, with a plan that left no room for mistakes or last minute changes. She would summon a demon, he would help her get rid of her bully, and her high school life would finally be less of a nightmare. She got her ritual down to the tiniest of details, bought everything she would need, and started the meticulously crafted event. For someone that came from a lineage of witches, this was easy for her, almost natural. The low-grade demon was eager to serve her, and he did a perfect job, killing the jock and disposing of his body so that nobody would be able to find him, or pin the incident on her. The thing is, she forgot how clingy these creatures can get once they’ve done you a favour.  The demon refused to leave her side, waking up with her and following her to school, back home, out with friends and back in the confines of her own bed. He sat on her shoulder, his weight light yet insistent, whispering in he...
TRIGGER WARNING : SUICIDE, BODY DYSMORPHIA  ليلةَ أمس أصابني أرق شديد منعني من النوم حتى السادسة صباحاً ومن شدة بؤسي أني سمعت أصوات العصافير النشيطة قبل نومي، الثانية عشر ظهراً يرِنُّ المنبه للمرة المئة وأنا مُتظاهرٌ أني لا أريدُ سماعهُ، أنظرُ له بنصف عين ثم أعود إلى غفوتي، أخيراً أيقظني الجوع من السبات، نظرتُ إلى الخزانة لا يوجدُ أي لباسٍ مرتب، ألم أرتب خزانتي من قبل؟ نظرتُ إلى نفسي في المرآة، فشعرت ببعض القبح، ما هذه السمنة المفرطة؟ لماذا شكلي هكذا؟ تباً للجينات التي أحملها، الثانية بعد الظهر متوجهٌ إلى أقرب مطعم من أجل الإفطار، الثالثة بعد الظهر عدت إلى المنزل بعد جولة في شوارع المدينة شعرت فيها بالازدراء حيث كانت نظراتُ الناس لي غريبة، ومن شدة الانزعاج اخذت علبة السجائر بدأت بالتدخين بشكل مفرط، الخامسة عصراً، لدي إختبار في نهاية الأسبوع لكن الدروس كثيرة والأستاذ دائماً ما يطلب مني أن أحلق شعري المجعد، الدرسُ الأول عنوانهُ غريب، للأسف نسيت القهوة تغلي، هذه الحياة ليست لي، الخامسة وربع بعد تنظيف المكان من القهوة المحروقة، يطرق أبي الباب فتحتُ له أحضر لي بعض الطعام وأخب...

À ceux qui rêvent de bottes mal cirées, de veston médiocre et de chapeaux bas-de-forme (2)

    Le videur me scrute avec ce regard d’homme habitué à voir les âmes chavirer. Il n’a pas besoin de parler. Son corps massif est une injonction silencieuse : l’heure est venue de quitter ce refuge de misère, d’aller s’effondrer ailleurs. Je lui rends un sourire absent, un rictus d’homme qui sait qu’il n’a plus rien à perdre. J’ai dépassé l’heure où l’on tolère les âmes trop pleines de regrets. Alors je me lève, lentement, comme si la nuit elle-même pesait sur mes épaules. Mon verre est vide, ma poche aussi. Je jette quelques pièces sur la table, mais elles ne font qu’un bruit sourd, comme un écho lointain. Dehors, la nuit s’étire, indifférente. La brume danse sur les pavés humides, et les réverbères projettent des ombres déformées sur les façades. L’air sent le bois mouillé et le charbon, un parfum d’hiver qui s’attarde. J’enfonce mes mains dans les poches de ma redingote élimée et me laisse avaler par la rue. Les pavés brillent sous l’humidité, scintillent comme s’ils reten...