Accéder au contenu principal

لم يعد الورد ينبت بين أصابعي، فماذا أفعل؟

 



مرحبا صديقي المفضل 

آسف لم أتصل بك ليلة البارحة.

 لقد كنت أنتحر، أعددت خطة كاملة للهروب، لكنني في لحظة غرق، تمسكت بي سمكة، نظرت إلي مستعطفة، و ترجتني أن أفتح لها النافذة، لأنها ترغب في أن ترى السماء للمرة الأولى، و أن تحلق.

 رفضت بداية الأمر، لكنها توسلت، قالت أنها لا تريد إمضاء حياتها دون أن تعانق نجمة، أو تحتضن سحابة. فتحت النافذة، و انكب كل الماء داخل غرفتي خارجا، بحثت عن السمكة، كانت تنقبض و ترتخي، تنقبض و ترتخي، ترتخي إلى الأبد. ماتت بمجرد أن جابهت نسمة هواء، انقضت، كمأساة، و تركتني وراءها أتساءل، أكانت رؤية السماء جديرة بكل هذا الألم. عزفت عن الوفاة الليلة، لست قادرا على اقتراف ميتتين لحظة واحدة.


عدت إلى البيت، و أشعلت سيجارة، أعلم أنك غضبت مني الأسبوع الماضي لأنني أدخن كثيرا، لكن لا تخف، الحظ ليس في جانبي هذه المرة، السجائر بلت من فرط الدموع، و علبة الكبريت بها قطعة واحدة، رفضت أن أستعملها اليوم، سأحتاجها غدا، حين أقترف ميتتي العاشرة، أتمنى أن لا ألتقي سمكة ما تحكم علي بالحياة ليلة أخرى، فهذا العالم كبير واسع، لكنه لا يتسع لأحزاني أبدا، فأحزاني أنا، خرساء لا صوت لها، تبدو للناس بلا وزن، لكنها في داخلي تتقد كجذوة جمر، تخنقني، تسحقني، تنفذ إلي على حين غرة، تتكاثر داخل جمجمتي، تنتعش و تنتصر علي، و تحكم علي بما هو أسوء من الموت ... الحياة ؟


أخبرتني آخر مرة التقينا، أنك ترغب مني أن أصمد قليلا بعد، حتى أستطيع يوما ما، أن أكتب بحب، عن زهرة سعيدة، قوس قزح، سعادة ضائعة وجدتها بالصدفة على ناصية الطريق، حاولت مرارا بعد رحيلك أن أفعل، لكن هذه الذاكرة ليست تتسع لغير كلمات الحداد المتكررة، و هذا القلم الذي أحمله بين أصابعي المرتجفة يضخ دما قانيا عوض الحبر، حاولت أن أكتب بعدك مرارا لكن كلماتي تستحيل لطخات، و أجمل سطوري تتداعى، تعانق ركام العبرات، و تضحي فراغا قاتلا.

لم يعد الورد ينبت بين أصابعي،

فاختلطت علي الكفوف، لست أدري بأي يد أحتضنني، بأي يد سأكتب هذا النص، و بأي يد سأقتلني الليلة.


 فماذا أفعل ؟


وداعا صديقي المفضل.


شيماء نقاش

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

غصة، شوق و حنين

  بمشية متحاملة، مهلهل الثياب، يقصد كرسيه الإسمنتي وسط حديقة الحي ليجلس كما العادة -ساعات طويلة- و هو مطرق رأسه لا يتحرك، محدقا في الفراغ، شاردا في اللاشيء أو بالأحرى في كل شيء ، يتذكر كل ثانية عاشها مع ابنيه.  ترتسم له المشاهد كضرب من الواقع، كجزء من الحقيقة و ليس مجرد ذكرى مشوشة، فتتجلى أمامه اللحظة الأولى، النفس الأول المتبوع بصراخ ابنيه اللذان يقبلان لهذه الدنيا فيصرخ هو شاكرا ربه أن رزقه سندا فيها، مستبشرا بأن يكونا له العضد و العوض، إلى اللحظة التي بدآ فيها المشي، يستوقفانه ليرفعهما إلى الأعلى، فيستجيب ضاحكا دون أن يعلم أن من تسلَّقا جذعه ليحملهما فيما مضى، سيتملصان منه دون أن يلمحهما مرة أخرى فيما سيمضي. يكبر الولدان يشتد عودهما و يضعف  الأب لكنه يضاعف رغم التعب ساعات عمله كبناء ليكسب ما قد يبني به مستقبل ابنيه، اذ أنهما قد أضحيا في السنة المدرسية الأخيرة ... "عمي محمد !" انقطع حبل الذكرى عنه، أناديه ثم أتوجه إليه بقدم مضطربة و قلب يخفق بشدة، يمسك صحن الطعام ثم يدعوني كي أرافقه في وجبته.  لم أستطع سوى القبول، جلست في الكرسي المقابل و الصمت بيننا يحول، فقد خشيت الخوض مع

Les morts ne meurent pas mais ils demeurent

  Pourquoi toute cette terre sur son cercueil, elle qui aimait tant respirer l’air de la mer? Sous le voile diphane du vingt-six août, la Mort a tissé sa toile dans tes cheveux, emportant tes rêves. Tu crois te plaindre d’une fatigue, tu crois avoir quelque chose d’anodin et tu tombes. Une pluie d’étoiles blanches partout dans ton poumon, covid-19, c’est ce que le monde dit pour décrire l’indicible. Au début de ta mort, tout est devenu de plus en plus grand, j’ai compris qu’il fallait éviter tout ce qu’on croit savoir à ce sujet, tous les mots convenus sur la douleur et la nécessité de revenir à une vie distraite, de s’entourer de gens et de vivre la misère refoulée en futilités ; j’ai compris que, comme pour la vie, il ne fallait écouter absolument personne et ne parler de la mort que comme on parle de l’amour : avec une voix douce, avec une voix folle, en ne choisissant que des mots faibles accordés à la singularité de cette mort-là, à la folie de cet amour-là. Les mois suivant t
TRIGGER WARNING : SUICIDE, BODY DYSMORPHIA  ليلةَ أمس أصابني أرق شديد منعني من النوم حتى السادسة صباحاً ومن شدة بؤسي أني سمعت أصوات العصافير النشيطة قبل نومي، الثانية عشر ظهراً يرِنُّ المنبه للمرة المئة وأنا مُتظاهرٌ أني لا أريدُ سماعهُ، أنظرُ له بنصف عين ثم أعود إلى غفوتي، أخيراً أيقظني الجوع من السبات، نظرتُ إلى الخزانة لا يوجدُ أي لباسٍ مرتب، ألم أرتب خزانتي من قبل؟ نظرتُ إلى نفسي في المرآة، فشعرت ببعض القبح، ما هذه السمنة المفرطة؟ لماذا شكلي هكذا؟ تباً للجينات التي أحملها، الثانية بعد الظهر متوجهٌ إلى أقرب مطعم من أجل الإفطار، الثالثة بعد الظهر عدت إلى المنزل بعد جولة في شوارع المدينة شعرت فيها بالازدراء حيث كانت نظراتُ الناس لي غريبة، ومن شدة الانزعاج اخذت علبة السجائر بدأت بالتدخين بشكل مفرط، الخامسة عصراً، لدي إختبار في نهاية الأسبوع لكن الدروس كثيرة والأستاذ دائماً ما يطلب مني أن أحلق شعري المجعد، الدرسُ الأول عنوانهُ غريب، للأسف نسيت القهوة تغلي، هذه الحياة ليست لي، الخامسة وربع بعد تنظيف المكان من القهوة المحروقة، يطرق أبي الباب فتحتُ له أحضر لي بعض الطعام وأخبرني