أطفأت دموعي شمعة عيد ميلادي، و جلست أمام حلوتي و هي تذوب أمامي لأحتفل و لو مرة واحدة في العام..
فتحت رسائلي و أنا أدري أن التهاني ستأتي فقط مني، كنت قد أرسلتها السنة الفارطة، إعتدت أن أراسلني لأطمئن علي..
"عزيزتي سنبلة، أرجو أن تلقاك رسالتي و أنت لا زلت صامدة، أتمنى أن الرياح العاتية لم تكسر ما تبقى من أجزائنا و أن الأحزان لم تنبت بأراضينا كثيرا و أن تلقين من ينجح أخيرا في قطف الإبتسامة من حقل شقائنا"
كانت هذه كلماتي قبل سنة من الآن و لم يتغير منذ ذلك الحين إلا الحبر الذي جف و لم تجف جفوني بعده، لا يمر يوم علي دون أن أعود لصور أمي الراحلة، ليس شوقا فيها بل رغبة مني في إيجاد الجواب كل سنة..
لماذا؟ لماذا قررت أن تلقي بي و تتركينني من بعد ذلك بسنوات، كنت تعلمين أن السرطان سيعود من جديد بعد أن تخطيته، سيعود لنفس الثدي الذي أرضعتني منه فلم كل هذا يا أمي؟ لا أدري إن كنت أنا المسؤولة عن عنائي أم رحمك يا أمي، الرحم الذي بدوره أبى أن يحملني لتسعة أشهر و قذف بي إلى الدنيا بعد سبعة فقط، حتى أنت لم تتحملي مشقة تربيتي و اخترت أن تتوسدي التراب..
يا أمي، أسألك في عيد ميلادي، كيف للسنبلة التي لم يقدر على معاينتها أحد أن تعاين نفسها، إنني يا أمي أرى رؤوس تعاستي قد أينعت فمتى للموت أن يتكفل بقطافها.
ألم أسمع أن ملأى السنابل تنحني بتواضع ... و الفارغاتُ رؤوسُهن شوامخُ، إنحناء سنبلتك من وضاعتها يا أمي..
آخر أسألتي قبل أن أتذوق حلوتي، متى؟ متى أجهر الآلام نحو السلام، متى أستشعر نور الكلام و أنسى الظلام؟ متى أحس بحلاوة المنام و أنفض ذاتي من غبار الحطام؟
"إلى أن أضيف شمعة أخرى لطاولتي أو أحرق بها ما تبقى من جلدتي.. عيد ميلاد سعيد سنبلتي."
يونس لمنور
Commentaires
Enregistrer un commentaire